أدى إصرار الأناركيين , على أن تطور الحركات الثورية لا يمكن أن يتم على نحو فعال إلا إذا نبعت من واقع حياة الناس , إلى استنتاج منطقي مفاده أن الحركة الثورية الحقيقية يجب أن تكيف نفسها مع الاختلاف . كما يجب أن تعكس تفهما للتجارب الحياتية لأولئك الذين يشاركون فيها , كخطوة أولى لإشراكهم في العملية الثورية . كانت هذه الحاجة , للتكيف و التفهم , ماسة بشكل خاص , و كانت القضايا الإستراتيجية معقدة بشكل خاص بخصوص وضع المرأة , و التي كانت تجارب حياتها اليومية , في كثير من المجتمعات , و لا تزال , مختلفة عن تجارب الرجال .
صاغ الأناركيون الأسبان , رجالا و نساءا , في السنوات الأولى من القرن العشرين , رؤية غير هرمية , شيوعية لمجتمع تقف فيه المرأة على قدم المساواة , مع الرجل . على أنه في مجتمع ما قبل الحرب الأهلية , كانت معظم النساء أبعد ما يكنّ عن الإستعداد للمشاركة مع الرجال في النضال من أجل تحقيق هذه الرؤية , على قدم المساواة . و على الرغم من أن الحركة الأناركية النقابية Confederación National del Trabajo - CNT قد كرست نفسها في الأساس من أجل نضال العمال , إلا أن غالبية النساء الإسبانيات لم ينتظمن بالعمل في المصانع , بل عمل , معظم من انخرط منهنّ في عمل , مقابل أجر في منازلهن , عملا مأجورا بالقطعة . و واصلت النساء العاملات من ذوات الأسر القيام بـ " واجب مزدوج " كربات بيوت و أمهات . و قد أبقت أشكال معينة من اضطهاد النساء في إسبانيا المرأة تابعة للرجل حتى في سياق الحركة الأناركية الثورية .
و إذ كان على المرأة المشاركة بنشاط في النضال الثوري الاشتراكي , فقد احتاجت " إعدادات " خاصة , و إهتماما خاصا لواقع تبعيتها و تجاربها الحياتية الخاصة . و في مايو 1936 أسست مجموعة من النساء الأناركيات منظمة " المرأة الحرة " Mujeres Libres , أول منظمة نسائية بروليتارية مستقلة في إسبانيا . و كان هدفها وضع حد لثلاثية استعباد المرأة : الجهل و رأس المال و التبعية للرجال . و في حين أن بعض العضوات المؤسسات كن من النساء المحترفات أو شبه المحترفات , فإن الغالبية العظمى من العضوات – و اللاتي بلغ عددهم عشرين ألفا بحلول تموز 1937 – كن من نساء الطبقة العاملة . و هدفن إلى التغلب على الجهل و قلة الخبرة اللذين وقفا عائقا أمام المشاركة الفعالة للمرأة على قدم المساواة مع الرجل من أجل بناء مجتمع أفضل من ناحية , و من ناحية أخرى من أجل التصدي لهيمنة الرجل على الحركة الأناركية نفسها .
و قد عارض التيار الأناركي الفصل النضالي و الفصل التنظيمي الذي انتهجته منظمة " المرأة الحرة " على أساس الإلتزام بالعمل المباشر و المساواة . لكن " المرأة الحرة " دعت إلى فصل النضال على أساس تفسير مختلف لهذا الالتزام نفسه . و كانت الصعوبات التي واجهتها هي تسليط الضوء على إشكالية دور المرأة في الحركات الثورية و تعقيدات الإعتبار الكامل لتجارب المرأة في عملية تصور و خلق المجتمع الجديد .
التزم الأناركيون بالمساواة . و قد عنت المساواة أن لا يؤخذ بتجارب مجموعة بعينها أساسا عياريا للجميع ,و أنه في مجتمع قائم على المساواة التامة فإنه لا يمكن أن توجد مؤسسات يستطيع من خلالها بعض الأفراد ممارسة سلطة سياسية أو إجتماعية أو إقتصادية على الآخرين . و يحقق مثل هذا المجتمع التنسيق من خلال ما سماه أحد الكتاب المعاصرين بـ " النظام التلقائي " . حيث يجتمع الناس معا طوعا لتلبية إحتياجات محددة متبادلة , و يتم تنسيق الأنشطة الواسعة النطاق من خلال الفيدرالية (1) .
كان لهذا المنظور المناهض للتراتبية عواقب هامة بالنسبة لإستراتيجية ثورية . و قد جادل الأناركيون بأن النشاط الثوري و التنظيمي يجب أن يبدأ من واقع حياة الناس . و أن العملية نفسها يجب أن تكون تحولية . و أن الإلتزام بالمساواة في هذا السياق يعني أن تجارب مختلف المجموعات صالحة بالتساوي أن تكون نقطة انطلاق لنشاط ثوري و تنظيمي .
بالإضافة إلى هذه أصر الأناركيون أن الغاية لا يمكن فصلها عن الوسيلة , و أن الناس لن تتعلم العيش في مجتمع غير هرمي إلا من خلال الإنخراط في الأشكال غير الهرمية من النشاط الثوري . و في مقابل الإدعاء بأن التسلسل الهرمي أساسي للنظام , و بخاصة في الحالة الثورية , جادل الأناركيون بأن التنسيق يمكن أن يتحقق من خلال " حملات دعائية عن طريق الأفعال " أي جمع أتباع من قبل سلطة المثال الإيجابي الذي يضربه . (2) . أو " التنظيم العفوي " الذي يعني تحديد أهداف و وسائل التنظيم من قبل الناس الذين يكوّنونه . (3).
و أخيرا , فقد أدرك الأناركيون أن الناس الذين تحرمهم ظروف الحياة من السيطرة و تضعهم في مواقع التبعية لا يمكنهم التحول بسهولة إلى أناس واثقين بأنفسهم قادرين على التسيير الذاتي . و أن " تحضيرا " واسع النطاق هو جزء أساسي من عملية التحول الشخصي , الذي هو بدوره جانب من جوانب المشروع الثوري الإجتماعي . و مثل هذا " التحضير " إذا لم يتخذ يكن ليتخذ شكلا هرميا تراتبيا , يمكن أن يتم من خلال تجربة الفرد في أشكال جديدة و مختلفة من التنظيم الإجتماعي . و قد حاولت الحركة الناركية الأسبانية إتاحة الفرصة لتجارب من هذا القبيل . من خلال المشاركة المباشرة في الفعاليات و الإضرابات . و من خلال المعرفة المكتسبة في البيئات التعليمية غير الرسمية , يتأهل الناس لمزيد من التحولات الثورية . لكن لكي تكون فعالة , فإن هذه " التحضيرات " يجب أن تستجيب لخبرات الناس الذين يتصدون لها .
و قد شكلت النساء مجموعة خاصة ذات احتياجات خاصة , في الحرب الأهلية الإسبانية . و كانت تبعيتهن الإقتصادية و الثقافية أكثر وضوحا من تبعية الرجال . و كانت معدلات الأمية بين النساء أعلى من مثيلاتها بين الرجال . و حصلت أولئك النساء اللاتي عملن بأجر على أجور أقل و عملن في ظروف أكثر قمعا من مثيلاتها بالنسبة للرجال . و في شهادة إحدى النساء على هذا الوضع قالت : " أتذكر بوضوح تام كيف كانت الأمور عندما كنت لا أزال طفلة . . كان الرجال يشعرون بالخجل من أن يروا في الشارع بصحبة النساء . . و كان الرجال و النساء يعيشون حياة منفصلة تماما . . و قد حافظ كل جنس على مجتمعه الخاص لنفسه حصريا !! ". (4)
و رغم أن هذه الاختلافات ينبغي أن تقدم دليلا صارخا على ضرورة وجود منظمة ثورية لمواجهة التبعية التي تعانيها النساء , رفض التيار الرئيسي للحركة الأناركية الاعتراف بخصوصية اضطهاد النساء أو شرعية النضال المنفصل للتغلب عليه . فقط "المرأة الحرة" هي من ربطت باتساق بين اعترافها بخصوصية تجربة المرأة و بين معالجتها لها .
و على الرغم من الالتزام ببناء مجتمع قائم على المساواة , تميز موقف الحركة الأناركية الأسبانية من قضية تبعية المرأة بالتعقيد . و جادل البعض بأن تبعية المرأة نابعة من تقسيم العمل حسب الجنس , و من "تدجين" النساء , و ما يترتب على ما يترتب على ذلك من الاستبعاد من قوة العمل المأجور . (5) . و للتغلب على ذلك كان على النساء الانضمام لقوة العمل كبقية العمال جنبا إلى جنب مع الرجال , و النضال من خلال الاتحادات العمالية لتحسين وضع جميع العمال . بينما أصر آخرون على أن تبعية المرأة كانت نتيجة ظاهرة ثقافية واسعة , و أن انخفاض شأن المرأة هو انعكاس لنشاط مؤسسات مثل العائلة و الكنيسة , و أن هذا الوضع سينتهي مع القضاء على هذه المؤسسات عندما يقوم المجتمع الأناركي .
و كانت قضية تبعية المرأة , في أحسن الأحوال , مصدر إزعاج بالنسبة للحركة أناركية ككل . فقد رفض معظم الأناركيون الإعتراف بخصوصية تبعية المرأة . و كان عدد قليل من الرجال مستعدا للتخلي عن السلطة على النساء , و التي تمتعوا بها طويلا . و كما كتب الأمين الوطني لـ CNT في 1935 ردا على سلسلة من المقالات حول تبعية المرأة : "نحن نعلم أن إعطاء الأوامر أكثر متعة من طاعتها , و أن هذا هو الأمر الواقع بين الرجال و النساء , و أنه مما يشعر الرجل بالرضا أن يكون له خادما يعد طعامه و يغسل ثيابه , هذا هو الواقع , و في مواجهة هذا الواقع فأن نطلب من الرجال التخلي عن "امتيازاتهم" هو نوع من الأحلام" .
و قد نفى البعض – و الذين يمثلون الأغلبية داخل الحركة – أن المرأة مضطهدة بطريقة تحتاج إلى اهتمام خاص . فعلى سبيل المثال , اعترفت (فيدريكو مونتسيني) Federico Montseny و الذي صارت فيما بعد وزيرة للصحة في حكومة الجمهوريين أثناء الحرب , بأن "تحرير المرأة مشكلة خطيرة في الوقت الراهن ". و أصرت على أن الهدف ليس وصول النساء للمواقع التي يشغلها الرجال , و لكن إعادة هيكلة المجتمع التي ستحرر الجميع . ليس إنتصارا لـ الفيمينيزم . بل إنتصارا للإنسانية !! . (7) . و إلى الحد الذي أدركت فيه وجود قهر ضد النساء , فإنها قد فهمت هذا القهر على تأسيس من الفردية . و جادلت بأن جذور أية مشكلة بين الرجل و المرأة إنما تكمن في "تخلف" المرأة من ناحية و من مقاومة الرجل للتغيير . و أن هذه المشاكل لا يمكن حلها من خلال النضال عبر التنظيمات .
على أن أقلية صغيرة داخل الحركة الأناركية قد اعترفت بأن المرأة تواجه مشكلة تبعية بسبب جنسهن , و أن هذه المشكلة تتطلب اهتماما خاصا . لكن العديد منهم قد أصر على أن الكفاح من أجل التغلب على هذه التبعية , سواء في المجتمع ككل أو داخل الحركة الناركية , لا يجب أن يجري في منظمات منفصلة . و قد ذكرت أحدى النشطاء : "نحن منخرطون في العمل لخلق مجتمع جديد , و يجب أن يتم هذا العمل في انسجام تام . و ينبغى أن نشارك في النضالات النقابية جنبا إلى جنب مع الرجال . أن نقاتل من أجل موطيء قدم لنا . و أن نؤخذ على محمل الجد" . (9) . و قد وجدوا في المنظور الأناركي للتغيير الإجتماعي داعما لموقفهم , و لاسيما من خلال التركيز على وحدة الوسائل و الغايات .
و قد جادل أولئك الذين عارضوا قيام التنظيمات النسائية المستقلة بأن الأناركية لا تتنافى فقط مع أشكال التنظيم الهرمي , و لكن أيضا مع أي تنظيم مستقل يمكن أن يقوض وحدة الحركة . و في حالتنا هذه , فإن هدف الحركة الأناركية هو خلق مجتمع قائم على المساواة , تقف فيه المرأة و الرجل على قدم المساواة , و إن النضال لتحقيق هذه الغاية يتطلب إشراك الرجال و النساء معا كشركاء على قدم المساواة . و قد خشي هؤلاء الأناركيون أن منظمة تكرّس خصيصا لإنهاء تبعية المرأة و تؤكد على أوجه الإختلافات بين الرجل و المرأة بدلا من أوجه التشابه بينهما ستجعل من الصعب تحقيق الغاية الثورية النهائية في المساواة . و إن الاستراتيجية المبنية على تنظيمات تستند إلى التجارب الحياتية لا تمتد إلى حد تبرير منظمة مستقلة موجهة لإحتياجات المرأة .
و بإختصار , فإنه على الرغم من أن بعض المجموعات داخل الحركة الأناركية قد اعترفت بالقمع الذي يمارسه الرجال ضد النساء و بالتمييز على أساس الجنس داخل الحركة نفسها , فإن التيار الرئيسي للحركة لم يول إلا أقل اهتمام للقضايا التي تهم المرأة , و نفى أي شرعية عن المنظمات المستقلة المكرسة للتعامل مع مثل هذه القضايا . أما النساء اللواتي أصررن على خصوصية وضع المرأة و قهرها , و على ضرورة فصل النضال للتغلب على هذه الخصوصية , فقد أنشأن منظمتهن الخاصة : "المرأة الحرة" Mujeres Libres .
و يمكن تتبع السوابق المباشرة لمنظمة "المرأة الحرة" وراءا , على الأقل إلى 1934 . عندما بدأت جماعات صغيرة من النساء الأناركيات في كل من (مدريد) و (برشلونة) و بشكل مستقل عن بعضها البعض , يشعرن بالقلق إزاء أعداد قليلة من النساء اللاتي شاركن بنشاط في CNT . . و قد لاحظن على حسب رواية إحداهن ما يلي :
". . . و كانت النساء تحصلن على مقابلة واحدة فقط – أولئك اللاتي أردن الإنضمام – أواللاتي أتين على سبيل المثال إلى رحلات الأحد أو إلى مجموعات المناقشة – يحصلن على مقابلة واحدة و لا يلتفت إليهن بعد ذلك . . . حتى في الصناعة , حيث عملت الكثير من النساء في صناعة النسيج , كان هناك عدد قليل جدا من النساء اللاتي تحدثن في الإجتماعات النقابية . . و قد وصل إلينا الشعور بالقلق إزاء كل هؤلاء النساء اللواتي نخسرهن , لذلك فكرنا في إنشاء منظمة نسائية للتعامل مع قضاياهن . . و في عام 1935 أرسلنا الدعوة إلى جميع النساء في الحركة التحررية . . و إن كنا قد ركّزنا إهتمامنا على الرفيقات الشابات . . و أطلقنا على مجموعتنا هذه اسم : Grupo cultural femenino, CNT ". (10) .
و في البداية كانت هذه المجموعة من النساء مجموعة داخلية , أو على الأقل كانت تحت إشراف CNT , و كان غرضها الرئيسي تطوير المزيد من النساء ليكن عضوات ناشطات في الحركة الأناركية .
لكن في غضون فترة زمنية قصيرة , اتصلت نساء (مدريد) بنساء (برشلونة) , و كان ذلك في أواخر 1935 . . و قد قررن أن تطوير النساء الناشطات عملية معقدة . و أنهن يحتجن إلى الاستقلال إذا كانوا يريدون الوصول بالنساء إلى المستوى الذي يطمحون إليه . و في مايو 1936 أنشأن منظمة "المرأة الحرة" .
و قد جادلت مؤسسات "المرأة الحرة" بأن النساء يجب أن ينتظمن بصورة مستقلة عن الرجال سواء للتغلب على تبعيتهن الخاصة أو للنضال ضد مقاومة الرجال لتحرر النساء . و قد استند برنامج المنظمة على نفس التزامات العمل المباشر و الإعداد من أجل الحركة الأناركية الإسبانية الأوسع . و أصر البرنامج على أن إعداد النساء للإنخراط في العمل الثوري يجب أن يتطور من واقع تجارب حياتهن . و هي عملية تتطلب تغلب النساء على تبعيتهن المحددة بكونهن نساء , و بتطوير المعرفة و الثقة في النفس اللازمة للمشاركة في النضال الثوري , و التصدي لهيمنة الرجال على تلك المنظمات التي لم تأخذ النساء و خبراتهن على محمل الجد .
و قد جادلت (إيما جولدمان) في وقت سابق بأن " التحرر الحقيقي لا يبدأ في الانتخابات و لا في المحاكم . بل يبدأ في روح المرأة . . . و أن تطورها و حريتها و استقلالها يجب أن يأتي من خلال نفسها " . (11) . و قد طالبت المعلقات على حركات أخرى من أجل تحرير المرأة بنفس المطالب . فعلى سبيل المثال , أشارت (شيلا روبوثام) Sheila Rowbotham إلى الطرق التي قمعت بها الحركات الإشتراكية و الشيوعية مطالب النساء مرارا . (12) و قد اعتبرت (إلين دوبوي) Ellen DuBois تشكيل حركة مستقلة من أجل حق النساء في الاقتراع علامة على "سن النضج" في الحراك النسائي Feminism في الولايات المتحدة . في عرضها للنقطة الفاصلة التي أخذ النساء عندها مسألة التبعية بجدية كافية للنضال من أجل حقوقهن (13) . و قد تصرفت نساء "المرأة الحرة" بناء على إحساس مماثل من وعي متغير . و على حد تعبير إحدى العضوات : " كان الأمين الوطني للـ CNT يدعمنا . و قد عرض علينا ذات مرة أن يقدم لنا كل المال و الدعم الذي نريد , إذا وافقنا على العمل كجزء من الـ CNT . لكننا رفضنا ذلك . لقد أردنا للمرأة أن تجد حريتها ." (14) .
كان شعور النساء بالقلق إزاء استقلالهن عظيما , يدل على ذلك اختيار اسم المنظمة نفسها . فعلى الرغم من حقيقة أن معظم المؤسسات قد نشأ وعيهن السياسي من خلال الحركة الأناركية النقابية و أعتبرن أنفسهن "تحرريات" إلا أنهن قد نبذن اسم "المرأة التحررية" Mujeres Libertarias كاسم للمنظمة و فضلن عليه اسم "المرأة الحرة" Mujeres Libres , من أجل توضيح استقلالهم التام عن أي تدخل مؤسسي أو تنظيمي , حتى من الـ CNT .
و قد انعكست تحليلاتهم , لوضع تبعية المرأة و الضروريات اللازمة للتغلب على هذا الوضع , على شكل التنظيم و برنامجه . فأولا : ركزت "المرأة الحرة" أكبر قدر من الاهتمام على المشاكل التي تهم المرأة بشكل خاص : الأمية و التبعية الإقتصادية و الإستغلال و الجهل و الرعاية الصحية و رعاية الأطفال و الجنس . و ثانيا : فقد أصرت "المرأة الحرة" على الإنخراط في النضال الذي يتطلب تغير الإحساس بالذات . و كانت الفكرة الأساسية أن النساء سيتمكن من تطوير و استبقاء مثل هذا الوعي فقط إذا عملن بمعزل عن الرجال من خلال منظمات تهدف إلى الحفاظ على ذواتهن الجديدة . و قد حاولت "المرأة الحرة" أن تكون الإطار الذي يتطور من خلاله هذا الوعي المتغير . و أخيرا فقد أعربت "المرأة الحرة" عن إعتقادها بان منظمة منفصلة و مستقلة أمر ضروري من أجل تحدي التمييز المبني على أساس الجنس و تراتبية الاستعلاء الذكوري في الـ CNT و في الحركة الناركية ككل . و كمنظمة , تولت "المرأة الحرة" هذا التحدي . .
الإنتباه إلى حياة النساء
حددت المنظمة مصادر ثلاثة نختلفة لتبعية المرأة , الجهل (الأمية) و الاستغلال الإقتصادي و التبعية للرجل داخل الأسرة . و على الرغم من أن التصريحات الرسمية لم تحدد الأولويات بين هذه العوامل , إلا أن معظم أنشطة المنظمة قد تركزت حول الجهل و الإستغلال الإقتصادي . و قد أوضحت (لوشيا سانشيز ساورنيل) Lucía Sanchez Saornil , مؤسسة "المرأة الحرة" في مقالاتها حول "قضية المرأة" المنشورة بجريدة "تضامن العمال" Solidaridad Obrera في 1935 . تقول : " أعتقد و بكل تأكيد , أن الحل الوحيد لمشاكل المرأة المتعلقة بالجنس تكمن في العثور على حل للمشكلة الإقتصادية . الحل يكمن في الثورة . إذ أن أي شيء آخر لن يكون سوى مواصلة نفس الإستعباد تحت اسم جديد . " (15)
و برمجيا , ركزت المنظمة معظم اهتمامها على الجهل , الذي اعتقدت انه قد ساهم في تبعية المرأة في كل مجالات الحياة . و هكذا شنت "المرأة الحرة" حملة مكثفة لمحو الأمية لتوفير الأساس اللازم لـ "تحضير" enculturation النساء . إذ أن التعليم سيمكن النساء من فهم مجتمعهن و موقعهن فيه على نحو افضل , و من النضال من أجل تحسينه . (16) . و تم تنظيم ثلاث مستويات من الفصول , المستوى الأول لأولئك الأميات اللواتي لا يقرأن و لا يكتبن , و المستوى الثاني لأولئك اللاتي يستطعن القراءة و الكتابة قليلا , و المستوى الثالث لمن تستطيع القراءة و الكتابة جيدا لكن تريد الزج بنفسها في قضايا أكثر تعقيدا . . و لم تساو "المرأة الجديدة" بين الأمية و بين عدم فهم الواقع الإجتماعي , بل أصرت على أن الحرج من تخلفهن الثقافي هو ما يمنع الكثير من النساء من المشاركة الفعالة في النضال من أجل التغيير الثوري . و قد اصبح الإلمام بالقراءة و الكتابة أداة لتطوير الثقة بالنفس و لتيسير المشاركة الكاملة في المجتمع و التغيير الإجتماعي .
و للتصدي لجذور التبعية في الاعتماد الإقتصادي , وضعت "المرأة الحرة" برنامج عمل شامل مع التركيز على التعليم . و قد أصر المنظمون أن اعتماد المرأة قد نتج عن التفرقة المبنية على الجنس في العمل مما هبط بمستوى النساء إلى وظائف أدنى أجرا في ظل أقسى الظروف القمعية . و قد رحبت "المرأة الحرة" بحرب المرأة المتصل خارج البيت للولوج إلى قوة العمل المأجور بما يفوق الترتيبات المؤقتة , و أعربت عن أملها في أن إدماج المرأة في قوة العمل سيكون على نحو دائم . مما سيساهم في استقلالها الإقتصادي . (17) .
و قد تناول برنامج العمل الخاص بـ "المرأة الحرة" المشاكل التي تواجه نساء الطبقة العاملة , و محاولة إعدادهم ليتبوأن مكانهن على قدم المساواة في الإنتاج . و قد عملت بشكل وثيق مع اتحادات الـ CNT و شاركت في رعاية و تنظيم الدعم و التدريب , و برامج التدريب المهني لدفع النساء إلى الدخول إلى القوة العاملة المأجورة . و في المناطق الريفية رعت "المرأة الحرة" برامج تدريب زراعية . كما أنشأت "المرأة الحرة" و أعدت و دعمت مرافق رعاية الأطفال , سواء في المصانع أو الأحياء السكنية . لتسمح للنساء بالوقت الكافي للعمل . كما حاربت "المرأة الحرة" من أجل تكافؤ الرواتب بين الرجال و النساء .
و مع ذلك , فقد وجهت "المرأة الحرة" القليل جدا من الاهتمام لتقسيم العمل على أساس الجنس , و لا إلى استكشاف الآثار المترتبة على المساواة بين الجنسين على الصورة النمطية للعمل , إذ تعتبر بعض الأعمال حصرا على النساء و بعضها الآخر حصرا على الرجال . و قد تطرقت الكثير من دراسات الفيمينيست حديثا إلى العلاقة بين الولادة و الزواج الأحادي و تربية الأطفال و تقسيم المشاركة في العمل , و أشارت إلى الآثار المترتبة على هذه العلاقات في خضوع المرأة . (18) . على أنه لا "المرأة الحرة" و لا أية منظمة نسوية إسبانية أخرى في ذلك الوقت , قد شككت في أن المسئولية الرئيسية عن تربية الاطفال و الأعمال المنزلية ستبقى مسئولية النساء .
و الحق أن منهج "المرأة الحرة" , تجاه تبعية النساء الثقافية للرجال الذين يسيطرون على المجتمع , كان غامضا . و قد جادلت بعض العضوات بأن الأخلاق البورجوازية تعامل المرأة باعتبارها ملكية خاصة . و قد انتقدت (أمبارو بوتش يي جاسكون) Amparo Poch y Gascón , إحدى العضوات المؤسسات لـ "المرأة الحرة" , الزواج الاحادي و إفتراض إمكانية أن يكون الزواج من الناحية العملية تعاقدا دائما . و أكدت على أنه لا يترتب على الزواج و لا على الأسرة نفي احتمالية "الزراعة" خارجه (19) . و قد اختلفت غالبية النساء في "المرأة الحرة" على الأرجح مع رفضها للزواج الأحادي . لكن المنظمة انتقدت الأشكال المتطرفة من السيطرة الذكورية على العائلة . فعلى سبيل المثال , رفضت (لوشيا سانشيز ساورنيل) Lucía Sanchez Saornil تعريف المجتمع لمرأة بكونها أما فقط , و جادلت بأن هذا التعريف قد ساهم في استمرار تبعية المرأة , تقول : " إن مفهوم الأم قد استوعب مفهوم المرأة . و هذه الوظيفة قد بددت تفردها ." (20)
على أن العضوات كن أكثر استعدادا للموافقة على مظاهر خضوع المرأة الثقافية الأخرى . و قد عبرت الدعارة في رأيهن عن الصلة بين التبعية الإقتصادية و التبعية الجنسية . التبعيتان اللتان أدتا إلى انحطاط كلا من النساء اللواتي انخرطن فيها , و للنشاط الجنسي بشكل عام . بصورة مثالية , لا ينبغي لممارسة الجنس أن تعد سلعة , و من حق كل رجل و امرأة أن يمارس حياته الجنسية بشكل كامل و بحرية . و قد أدى بهم هذا التحليل إلى واحدة من أكثر الفكار ابتكارا , خطة – لم تنفذ فعليا على أرض الواقع نظرا للقيود التي تفرضها ظروف الحرب – لإعداد liberatorios de prostitución . . مراكز تدعم البغايا السابقات إذ يسترجعن أنفسهن من أجل حياة أفضل . و كان الأمل في أن الثورة الإشتراكية سوف تحدث تغييرا جذريا في طبيعة العمل المأجور بما في ذلك عمل المصنع , يستند إلى فرضية أن العمل المنتج أقل مهانة من الاتجار بالجنس . و قد ناشدت المنظمة الرجال الأناركيين بعدم مناصرة البغايا . و أشارت إلى أن القيام بذلك يكرّس لإستمرار أنماط من الإستغلال كانوا , على ما يفترض , ملتزمين بالتغلب عليها . (21)
كما ركزت "المرأة الحرة" على الرعاية الصحية . فدربت الممرضات للعمل في المستشفيات و ليحلوا محل الراهبات اللاتي احتكرن سابقا الرعاية التمريضية . كما شنت حملة تثقيف واسعة و برامج نظافة في مستشفيات النساء . و خصوصا في (برشلونة) . و حاولت التغلب على جهل النساء بأجسادهن و برعاية و تنشئة الأطفال . و بصورة عامة حاولت "المرأة الحرة" التغلب على جهل النساء بالنشاط الجنسي , ة هو الجهل الذي نظر إليه على أنه أحد أسباب تبعية المرأة المؤسسة على الجنس . و على سبيل المثال , فقد أشارت (أمبارو بوتش يي جاسكون) Amparo Poch y Gascón إلى أن جهل النساء بوظائف الجسد و بطرق منع الحمل من العوامل التي تساهم في صعوبات المرأة المفترضة في استكشاف المتع الجسدية . و قد قرنت نداءها بمزيد من الانفتاح في هذا المجال مع إدعائها بأن الكبت الجنسي للنساء قد ساهم في الحفاظ على الهيمنة الذكورية .
و قد وضعت "المرأة الحرة" برامج تعليمية موسعة للتغلب على التبعية الثقافية , شملت الأطفال و النساء البالغات . و تضمنت دورات تربية الطفال للأمهات لتمكينهن من إعداد أبنائهن بصورة أفضل للحياة في مجتمع تحرري . و قد طورت أشكال جديدة من التعليم للأطفال , بهدف تحدي القيم البورجوازية و الأبوية , و إعداد الأطفال لتطوير رأي نقدي خاص بهم . و أخيرا فقد ساهمت المنظمة في تطوير نواة جديدة من المعلمين و المناهج و الهياكل التعليمية غير الهرمية .
و عى الرغم من وضوح الإتجاه العام لهذه البرامج , فإن برامج "المرأة الحرة" قد عكست التناقض حول دور المرأة في المجتمع و دورها في النضال الثوري . و على الرغم من الإصرار على أن تبعية المرأة مشكلة يمكن معالجتها بفعالية أكبر من قبل النساء و على الرغم من استحقاقها الشرعية و الاعتراف داخل الحركة الأناركية نفسها , فإن "المرأة الحرة" قدمت نفسها في بعض الأحيان بوصفها منظمة دعم . (23) . و كان هناك تناقض أيضا في تحدي الأدوار التقليدية للأسرة . فقد كانت بعض نداءات الحث على العمل و الاستفادة من مرافق الرعاية النهارية للأطفال التي أقيمت في المصانع تشير إلى أن هذه "التضحية" من الواجب أن تكون مؤقتة . (24) .
و مع ذلك , فقد كانت اختلفت دعاية "المرأة الحرة" عن غيرها من المنظمات النسوية في إسبانيا في ذلك الوقت . و التي كانت في معظمها مجرد امتدادات نسوية لمنظمات حزبية مختلفة . و اقتصرت أدوارها على أن شجعت النساء على الإضطلاع بادوار الدعم التقليدية , و زينت لهن العمل في المصانع حتى يعود الرجال . (25) . و على النقيض من ذلك فإن "المرأة الحرة" كما كتبت ذات مرة تذكّر القراء : " في خضم كل التضحيات , و مع الإرادة و المثابرة , فإننا نعمل لنجد أنفسنا , و نضع أنفسنا في الجو الذي كان , حتى يومنا هذا , قد انتفى علينا . . جو العمل الإجتماعي . (26) . و قد واصلت "المرأة الحرة" الجدال بأن تحرير المرأة لا يحتاج انتظار حتى تنتهي الحرب , و أن بإمكان النساء مساعدة أنفسهن و المساعدة في جهود الحرب من خلال الإصرار على المساواة و المشاركة الكاملة قدر الإمكان في الصراع الدائر . (27)
و قد شنت "المرأة الحرة" هجماتها على الأمية و التبعية الإقتصادية و الإستغلال الثقافي – الجنسي , و حتى في سياق الحرب . و حدد برنامجها مصادر تبعية المرأة في المجتمع الأسباني . و حسب وجهة نظر المنظمة , كان التحدي المباشر لهذه المشاكل هو ما سيسمح للنساء بالتغلب على هذه التبعية , و على المشاركة الكاملة في الحركة اللإشتراكية الثورية . و أن تنظيما من النساء و لأجل النساء هو وحده , بما لديه من اهتمام و مصلحة و قدرة , القادر على الإضطلاع بمثل هذا التحدي .
تغيير وعي المرأة الذاتي . .
تطلب التغلب على تبعية المرأة و جعل مشاركتها الكاملة في النضال الثوري أمرا ممكنا , ما هو أكثر من مجرد الهجوم على مصادر هذه التبعية . و تطلب الأمر تغيير وعي المرأة بذاتها بحيث يمكنها أن تبدأ في رؤية نفسه ممثلة مستقلة و فعالة على المسرح الإجتماعي .
و قد عكست برامج "المرأة الحرة" الإعتقاد أنه بسبب تبعية المرأة طويلة الأمد , فإن معظم النساء لم يكن على استعداد للعب دور مساو للرجال في الثورة الإشتراكية الجارية . و قد تطلب هذا الاستعداد انضمام النساء و مشاركتها في منظمة تحررية نسائية وظيفتها الأساسية تمكين القدرات الكامنة في المرأة . (28) . هذه المشاركة ستمكّن المرأة من ناحيتين . الأولى التغلب على نقص المعلومات الذي منعها من المشاركة الفعالة , و الثانية التغلب على انعدام الثقة في النفس الذي رافق تبعيتها . . على أنه بمجرد التغلب على هذه العقبة الثانية ستتمكن النساء من التصدي لمشكلة استقلال قضية تبعية المرأة داخل المجتمع و داخل الحركة الأناركية . و سيتمكن من النضال من أجل الإعتراف بشرعية هذه القضية داخل الحركة الأناركية ككل .
في البداية , تروي إحدى الناشطات : " أردنا فقط أن نجعلهن أناركيات " لكنهن سرعان ما أدركن أنه إذا كان على النساء أن يكن ناشطات أناركيات فسيكون عليهن التعامل مع قضاياهن الخاصة . " عليهن التحرك للخروج من البيت " و أن يأخذن أنفسهن بجدية كافية للإنخراط في الأنشطة النقابية . و بالتالي كان "رفع الوعي" جانبا أساسيا من برنامج "المرأة الحرة" , و قلما فقد المنظمون الفرصة لإشراك المرأة في العملية . فعن طريق النقاشات و مجموعات الحوار اعتادت النساء على سماع أصواتهن في العلن و تشجّعن على المشاركة و التغلب على التحفظ في الكلام . و قد أصبح الإعداد الإجتماعي preparación social عنصرا أساسيا في كل مشروع تعهدن به . فعلى سبيل المثال زارت مجموعات من نساء "المرأة الحرة" المصانع – ظاهريا من أجل دعم الحركة النقابية و تشجيع النساء على الإضطلاع بدور نشط , و في نفس الوقت إعطاء "القليل من الدروس" سواء حول الأناركية السينديكالية أو عن الحاجة لن يصير النساء أكثر نشاطا . و في برشلونة أنشأت "المجموعة النسائية الثقافية" Grupo Cultural Femenino "مراكز الرعاية النهارية الطائرة" guarderías volantes . حيث ذهبت نساءها إلى بيوت أخريات لرعاية أطفالهن ريثما يتسى للأمهات حضور اجتماعات الاتحاد . و إذ تعود الأم إلى المنزل , كانت الأحاديث تدور في الغالب حول الأناركية السينديكالية و الشيوعية التحررية و ما إلى ذلك .
و قد سمح وجود منظمة مستقلة للنساء بحرية تطوير برامج مستقلة تستهدف احتاجات محددة للنساء , و التصدي بشكل مباشر لمسألة التبعية . و كان الإصرار دائما أن تواجه المرأة نضالا مزدوجا إذ تحاول الانخراط في العمل الثوري و أن منظمة منفصلة مستقلة – و في نفس الوقت تعمل بشكل متناسق سائر أجزاء الحركة الأناركية السينديكالية – تستطيع أن توفر الإطار و توفير الدعم اللازم لمعالجة مسألة الثقة في النفس . على حد قول إحدى العضوات .
"إن رجال الثورة الذين يناضلون من أجل حريتهم يقاتلون ضد العالم الخارجي . ضد عالم يعارض الرغبة في الحرية و المساواة و العدالة الإجتماعية . أما المرأة الثورية فعلى النقيض , تحارب على مستويين , الأول : الكفاح من أجل حريتهن الخارجية , و هن في هذا النضال يتساوين بالرجال في نفس المثل العليا و يدعم أحدهم الآخر . لكن النساء أيضا تناضلن من أجل حريتهن الداخلية التي تمتع بها الرجال لقرون . و في هذا الصراع تناضل المرأة بدون حليف ."(29)
و قد جادل البعض في أيامنا هذه بأن المنظمات المستقلة ليست ضرورية من أجل "رفع الوعي" . فقد اقترحت (ويني بيرينيس) Wini Breines , أن أحد الدروس المستفادة من حركات الحقوق المدنية و مناهضة الحرب في الولايات المتحدة , هو أن تغيير وعي المرأة يمكن أن يبدأ حتى داخل المنظمات "المختلطة" التي تكرّس لتبعية المرأة. و هناك دراسات عديدة تشهد على صدق هذا الإدعاء . (30) . و من ناحية أخرى ردت (إستيل فريدمان) Estelle Freedman بأنه بدون بناء منظمات منفصلة للإناث فإن مثل هذا التغيير في الوعي قد يتبدد بسهولة . (32) . و على الرغم من أن نساء "المرأة الحرة" لم يقدمن حججهن بنفس مباشرة حجج "بناء منظمات الإناث" female institution building , فإن كثيرا من شواغلهن قد رددته نقاشاتهم المعاصرة . و من الواضح أنهن أيقنّ أن تغيير وعي النساء – الأمر الذي كان ضروريا لأي مشاركة في العمل الثوري الإشتراكي – لا يمكن تطويره و دعمه إلا في إطار منظمة تنشئها النساء و توجه للنساء , و تتناول شواغل النساء .
تحدي الحركة الأناركية
و أخيرا , و بالإضافة إلى تناول تجارب الحياة الخاصة بالمرأة , و توفير الإطار لوعي جديد بالذات , تحدّت "المرأة الحرة" التحيز ضد المرأة داخل المنظمات الأناركية . إذ نشأت كرد فعل لإدراك العضوات المؤسسات لعدم مبالاة الرجال داخل الحركة الأناركية للمشاكل التي تخص المرأة . (33) . بالإضافة لذلك فقد تحدّت "المرأة الحرة" المنظمات نفسها لأخذ عضواتهن من النساء على محمل الجد . أو كما أشارت إحدى الناشطات : " إن الرجال أيضا قد لاحظوا أنه لم تكن هناك الكثير من النساء الناشطات . غير أن ذلك لم يزعجهم كثيرا . بل في الواقع إن كثيرا منهم كان سعيدا أن تكون رفيقته compañerita لا تعرف بقدر ما يعرف هو . و قد أزعجني ذلك كثيرا . و عمليا لقد تحولت إلى فيمينست متحمسة !! ". (34) . و كانت معارضة آخريات للتمييز , الذي مارسه الـ CNT على أساس الجنس , أقوى . " هؤلاء القادمون من عهد سكان الكهوف و المتخفون في صورة أناركيين , هؤلاء الجبناء المسلحين جيدا , و الذين يطعنون من الخلف , هؤلاء "الشجعان" الذين يرفعون أصواتهم و يتعدّون بإيماءاتهم على النساء , يكشفون عن ألوانهم الفاشية الحقيقية , و هؤلاء يجب فضحهم ". (35)
و على الرغم من أن العديد من الرجال الأناركيين ربما قد تعهدوا بالمساواة بين الجنسين – و في بمجتمع قائم على المساواة في نهاية المطاف – إلا أن كثيرا من تعهداتهم كانت تنتهي عند مداخل النقابات أو عتبات البيوت . تنتقد إحدى النساء اللاتي ولدن و نشأن في بيوت أناركية هذا الأمر فتقول :" عندما كانت الأمور تصل إلى المنزل , لم نكن افضل من أي شخص آخر . . كان هناك الكثير من الكلام عن تحرير المرأة و الحب الحر و كل هذه الأمور . و تحدث الرجال من على المنصات حول هذا الموضوع , لكن في الواقع , تبنى عدد قليل جدا جدا نضال المرأة بإعتباره قضيته الخاصة في الممارسة العملية . . . . في بيوتهم نسوا كل شيء عن هذا الموضوع " .(36).
تروي إحدى العضوات المؤسسات ل "المرأة الحرة" أنه في عام 1936 ، كانت قد سؤلت لحضور اجتماع في واحد من مكاتب الـ CNT . و قد أراد منها النقابيين المحليين تدريس كورسات مصغرة و المساعدة في "تحضير" العمال. "لكن هذا كان ضربا من المستحيل بسبب موقف بعض الرفاق، الين لا يأخذون النساء على محمل الجد. ظنوا أن ما جميع النساء في حاجة للقيام به هو الطهي و الخياطة... كلا. كان الأمر مستحيلا. و قلما جرؤت النساء على الكلام في هذا السياق ". (37). إذا لم تنتهي هذه الممارسات -- و يبدأ الرجال الأناركيون في أخذ النساء و قضاياهن على محمل الجد -- فلا أمل في نجاح أي استراتيجية أو برنامج أناركي، و لاسيما في جذب النساء. كانت هذه إحدى المجالات التي تبدو فيها ممارسة الحركة "غير متزامنة" مع نظريتها.
و كانت الحركة الأناركية السينديكالية الإسبانية تراعي , على سبيل المثال , الحاجة لـ "إعداد" الناس للمشاركة في النشاط الثوري . لكن في حالة المرأة كان هذا المنظور غالبا ما يُنسى . و كثيرا ما تم تجاهل النساء اللاتي حضرن النقاشات أو حلقات الدراسة . و في الواقع كانت السخرية هي الخبرة الشائعة التي حدت بعدد من النساء لتأسيس "المرأة الحرة" في المقام الأول . و من الممكن أن يكون التعليم غير النظامي أداة قوية جدا لتنمية الثقة بالنفس , لكن فقط عندما يُعامل المنخرطون في هذه العملية بإحترام . و في حالة فشل هذا الشرط تتحول تجمعات التعليم غير النظامي لساحة أخرى لممارسة المزيد من قمع النساء .
أنشئت "المرأة الحرة" كم قبل عدد من النساء اللاتي علمتهن التجربة أن هذه المراعات غير متوقعة قبل الحركة الأناركية المنظمة . و كان السبيل الوحيد لضمان أن تؤخذ النساء على محمل الجد هو تأسيس منظمة مستقلة يمكنها أن تتحدى تلك المواقف و السلوك , من موقف قوة . .و قد تكررت هذه التجارب و وثّقت من قبل نساء الحركات الثورية وصولا إلى يومنا هذا . و من المؤكد أن هذه المشكلة لا تقتصر على المجتمع الإسباني . و أنها قد تكون أكثر حدة في تلك التنظيمات التي تدّعي التمسك بـ "خط الحزب" . و في هذه الحالة الأخيرة غالبا ما تتفاقم التراتبية الذكورية على الإناث بسبب التسلسل الهرمي الذي تفرضه "المعرفة" الأيديولوجية . (38) .
و كان تحدي "المرأة الحرة" للحركة الأناركية تنظيميا بمعنى آخر . ففي أكتوبر 1938 , طالبت "المرأة الحرة" بالإعتراف بها كفرع مستقل للحركة التحررية . مكافئة لتنظيمات مثل FAI و FIJL .(39) و كان رد فعل الحركة معقدا . تذكر (ماري ناش ) Mary Nash , أن إقتراح النساء قد رفض على أساس أن منظمة خاصة للنساء ستضخ عنصرا من الشقاق و عدم المساواة داخل الحركة التحررية , و ستكون له عواقب سلبية على اهتمامات الطبقة العاملة . (40) . و يجب أن يكون التوازي , بين تجارب النساء في حركة الإقتراع في القرن التاسع عشر في الولايات المتحدة , و الحركات السياسية المعاصرة , واضحا . و من الضروري أيضا ملاحظة التوازيات المؤلمة التى تعامل بها المرأة السوداء و نساء العالم الثالث و أعضاء الجماعات ذات الإحتياجات الخاصة . و كثيرا ما تم التعامل مع مشكلات كهذه داخل الحركة النسائية المعاصرة . (41) .
و قد حيرت هذه الاستجابة نساء "المرأة الحرة" . إذ رأين في منظمتهن مماثلا لتنظيم الشباب التحرري FIJL . و توقعن أن يتم الترحيب بأذرع مفتوحة . ولم يتفهمن أبدا لماذا تقبل حركة منظمة مستقلة في حالة و ترفض في أخرى . و كان رفض الاعتراف بـ "المرأة الحرة" - و الذي كان له تأثير في منع عضوات "المرأة الحرة" من الحضور على الرغم من حضورهن كعضوات في اتحادات الـ CNT - قد أكد التصور المبدئي لضرورة وجود تنظيم مستقل لمواجهة مثل هذه القضايا على أساس مستمر . (42)
على أن تحليلنا يمكن أن يقدم تفسيرا إضافيا . إذ أن الإدعاء بان منظمة مكرسة خصيصا لتلبية إحتياجات النساء غير ملائمة للحركة الأناركية يتناقض مع التزام الحركة الواضح بالعمل المباشر . و على وجه التحديد فإنه ينفى سياسة أن يستلهم التنظيم تجارب الفرد الحياتية و احتياجاته المتصورة . و إذا كانت التنظيمات مبنية على أساس من تجارب الناس الحياتية فإن لنا أن نتوقع أن التجارب المختلفة ستؤدي إلى منظمات مستقلة . كان قادة الحركة على استعداد لقبول هذا الاستنتاج عندما تعلق الأمر بالشباب , و قد دعموا بالفعل منظمة مستقلة للشباب . لكنهم كانوا غير مستعدين للقيام في حالة المرأة . لماذا ؟
الفرق الجوهري بين الحالتين كان مركزشاط التنظيم و ليس طبيعة أعضاءه . فعل الرغم من أن الـ FIJL قد كرست نفسها للشباب فقط إلا أن مشروعها كان هو المشروع الأناركي ذاته , على المديين القريب و البعيد , أما "المرأة الحرة" فكانت , كتنظيم مستقل للنساء , مختلفة . ليس فقط في كونها تكرّس نفسها على وجه التحديد للنساء , و لكن لأهافها المنفصلة المستقلة . كانت تحديا لهيمنة الذكور داخل الحركة الأناركية , على الأقل في المدى القريب , لخلخلة بنية و ممارسات المنظمات الأناركية القائمة . (43) .
فعلى سبيل المثال , في سنة 1937 ذهبت (مرسيدس كومابوسادا) Mercedes Comaposada زعيمة "المرأة الحرة" بصحبة (لوشيا سانشيز ساورنيل) Lucía Sanchez Saornil الأمينة الوطنية للتنظيم إلى (ماريانيت = ملريانو فيزكيز) Mariano Vazquez الأمين الوطني لـ CNT و القائد المؤثر في الحركة التحررية , لمناقشة الاعتراف بـ "المرأة الحرة" كمنظمة مستقلة في إطار الحركة . و بنص كلماتها : " أوضحنا مرارا و تكرارا ما كنا نفعله : و أننا لا نسعى لسحب النساء بعيدا عن الـ CNT , بل في الحقيقة نحاول أن نخلق وضع يمكن من خلاله التعامل مع القضايا الخاصة بالنساء . بحيث يصبحن ناشطات فاعلات في الحركة التحررية . " لكن في نهاية المطاف , فإن المشروع قد شكل تهديدا كبيرا . كما تتذكر من المناقشة .
و في النهاية قال " حسنا , يمكنكن الحصول على كل ما تردن - بل و الملايين من البيزيتات من أجل التنظيم و التعليم إلخ - لأن خزينتنا ممتلئة , على شرط واحد , هو أن تعملن أيضا على القضايا التي تهمنا وليس فقط قضايا الاهتمام النسائي. " عند هذا الحد هبّت (لوشيا) واقفة لتقول :" كلا , لأن هذا من شأنه أن يعيدنا مرة أخرى لنفس الوضع الذي بدأنا منه - السبب الذي من أجله بدأنا في إنشاء هذه المنظمة . الاستقلال أساسي , و إذا لم يسمحوا لنا به فسنفقد الهدف الأساسي للمنظمة " .(44).
استنتاجات
و قد وافقت نساء "المرأة الحرة" بقية الأناركيين أن الإلتزام بالعمل المباشر يعني معارضة أشكال التنظيم الهرمي . لكنهن اخترن التركيز على العنصر الآخر من استراتيجية العمل المباشر . و الذي أطلقنا عليه مصطلح "النظام العفوي " . فالناس تنظم أنفسها حول تلك القضايا التي تشكل مصدر قلق فوري لحياتهم , و سيفعلون ذلك دوما . و بمجرد أن يبدأوا في في إجراء التغييرات و يعترفون بقوتهم و قدراتهم , فسيصبحون أكثر "استعدادا" للمشاركة في أنشطة أخرى للتغيير الإجتماعي . و قد أصرت نساء "المراة الحرة" على أنه - على الأقل في حالة المرأة - فإن منظمة مستقلة قد تكون ضرورية لهذه المهمة .
و يبدو هذا المنظور مناسبا و بخاصة في الحالة الإسبانية . فاستراتيجية الـ CNT لم تمس نسبة كبيرة من النساء الإسبانيات بأي شكل من الأشكال . إذ لم تعمل نسبة كبيرة منهن في المصانع , و لم تجد النسبة الصغيرة من النساء العاملات وقتا للإنخراط في النضالات النقابية بسبب المسئوليات المنزلية . و من الملاحظ أيضا أن كثير من الرجال أيضا - أولئك الذين انتظموا في أعمال ليس لها نقابة - قد جرى استبعادهم من المشاركة الفعالة في الحركة الأناركية لأسباب مماثلة . . و من الواضح أن "المرأة الحرة" قد أوضحت من خلال حالة المرأة أن هناك مشكلة أعمق جذورا بالنسبة للتنظيم الثوري .
و قد وجدت النساء دعما لآراءهم في إطار التقاليد الأناركية . لكن دعوتهم لفصل النضال نبعت مما هو أبعد من مجرد الإلتزام بالعمل المباشر و تلبية احتياجات الناس على شروطهم . بل نبعت من تحليل الطبيعة الخاصة للمجتمع الإسباني و تأثير هذه الطبيعة على الحركة الأناركية . و قد أصرت "المرأة الحرة " أنه - في إطار المجتمع الإسباني - لن يؤدي العمل المشترك بين المرأة و الرجل إلا إلى تدعيم الأنماط الحالية لهيمنة الذكور . كان النضال المنفصل لازما في هذه الحالة إذ كان السبيل الوحيد سواء لجعل تحضير المرأة ممكنا أو لتحدي التمييز على أساس الجنس الذي مارسه الرجال الأناركيون .
لم تكتف "المراة الحرة" بمحاولة تمكين المراة , لكنها شكّلت أيضا تحديا مستمرا للرجال الأناركيين . و ذكّرهم وجودها دائما بالحاجة إلى التغلب على هيمنة الذكور داخل الحركة . وقد وجهت معظم أنشطة "المرأة الحرة" للنساء , لكنها واجهت الرجال الأناركيين في مناسبات عديدة , منفردين أو في ظل الحركة الأناركية المنظمة . و حاولت إجبار الرجال (و النساء!) على الاعتراف بشرعية و أهمية القضايا التي تهم المرأة بصفة خاصة . و أعطى وجود المنظمة الدليل على القوة الإستقلالية الكامنة في النساء . و تشير درجة المعارضة التي أثارتها "المرأة الحرة " داخل الحركة الأناركية إلى أن بعض أعضاء الـ CNT قد أخذ هذه القوة المحتملة على مأخذ الجد . (45). و قد دعم برنامج "المراة الحرة" و خبراتها الإدعاء بأن صحة المنطق القائل بأن ممارسة العمل المباشر قد تتطلب "تجميع قوات" بصورة منفصلة و مؤقتة . و كما رأين فغن نساء "المرأة الحرة" لم يعرّفن أنفسهن على أنهن مجموعة من النساء اللاتي يناضلن ضد الرجال , و لكن بإعتبار بإعتبارها واحدة من جماعات كثيرة كامنة تشارك في ائتلاف واسع من أجل التغيير الإجتماعي . (46) .
إن التغيير الثوري يتطلب تحالفا بين الرجال و النساء . لكن ما لم يكن هناك مساواة بين المتحالفين فليس هناك من ضمان لعملية المساواة الثورية , أو لمجتمع العدالة و المساواة . كما أن الالتزام بالعمل المباشر لا يعني سوى ذلك . و قد بدأت الفيمينست المعاصرات في الولايات المتحدة بالإعتراف بقضايا الفوارق الطبقية و العرقية و الثقافية , و لذلك من الممكن ألا يكون هناك عمل من أجل الآخر حتى في سياق منظمة ثورية . كما يجب على النشاط الثوري الاعتراف التجارب الحياتية . و قد أعربت "المرأة الحرة" عن أملها في جعل الوحدة ممكنة . و إذ آمنوا بتفسيراتهن للتقاليد الأناركية , فقد أصررن على أن استراتيجية تحقيق هذه الوحدة تتطلّب الإعتراف بالتنوع .
ملاحظات
1. See Colin Ward, Anarchy in Action (New York: Harper & Row, 1973), chaps. 2 and 4; also Daniel Guerin, Anarchism: From Theory to Practice, Introduction by Noam Chomsky, translated by Mary Klopper (New York: Monthly Review Press, 1970); and Peter Kropotkin, The Conquest of Bread (London: Chapman & Hall, 1913).
2. For a powerful contemporary example of the impact of such activity, see Wini Breines’ discussion of changing consciousness in the civil rights movement in the United States, “Personal Politics: The Roots of Women’s Liberation in the Civil Rights Movement and the New Left, by Sara Evans: A Review Essay,” Feminist Studies 5 (Fall 1979): 496-506.
3. A slightly different version of the following summary and analysis was originally developed in Kathryn Pyne Parsons and Martha A. Ackelsberg, “Anarchism and Feminism,” MS, 1978, Smith College, Northampton, Mass.
4. Matilde, interview with author, Barcelona, 16 Feb. 1979.
5. See, for example, the statement of the Zaragoza Congress of the Spanish movement of 1870, cited in Anselmo Lorenzo, El proletariado militante, 2 vols. (Toulouse: Editorial del Movimiento Libertario Español, CNT en Francia, 1947), 2: 17-18.
6. Mariano R. Vazquez, “Avance: Por la elevacibn de la mujer,” Solidaridad Obrera, 10 Oct. 1935, 4; see also Jose Alvarez Junco, La ideologia politica del anarquismo español, 1868-1910 (Madrid: Siglo Veintiuno Editores, 1976), 302 n. 73; and Kahos, “Mujeres, Emancipaos!” Acracia 2 (26 Nov. 1937): 4.
7. Federica Montseny, “Feminismo y humanismo,” La revista blanca 2 (1 Oct. 1924): 18-21; see also “Las mujeres y las elecciones inglesas,” ibid. 2 (15 Feb. 1924): 10-12.
8. Carmen Alcalde, La mujer en la Guerra civil española (Madrid: Editorial Cambio 16, n.d.), 176. See also Federica Montseny, “La mujer: problema del hombre,” in La revista blanca, 2, núm 89, February 1927; and Mary Nash, “Dos intelectuales anarquistas frente al problema de la mujer: Federica Montseny y Lucía Sanchez Saornil,” Convivium (Barcelona: Universidad de Barcelona, 1975), 74-86.
9. Igualdad Ocaña, interview with author, Hospitalet (Barcelona), 14 Feb. 1979.
10. Soledad Estorach, interview with author, Paris, 4 Jan. 1982.
11. Emma Goldman, “Woman Suffrage” (224) and “The Tragedy of Woman’s Emancipation” (211), both in Anarchism and Other Essays (New York: Dover Press, 1969).
12. Sheila Rowbotham, Women, Resistance, and Revolution (New York: Vintage Books, 1972), and Woman’s Consciousness, Man’s World (Hammondsworth, Middlesex, England: Pelican Books, 1973).
13. Ellen Carol DuBois, Feminism and Suffrage: The Emergence of an Independent Women’s Movement in America (Ithaca: Cornell University Press, 1978), 78-81, 164, 190-92, 201.
14. Suceso Portales, interview with author, Móstoles (Madrid), 29 June 1979. A similar story was reported with slight variations, by Mercedes Comaposada, Soledad Estorach, and others in interviews in Paris, January 1982. The analysis to follow relies heavily on interviews and conversations I have had with Spanish anarchist women who were engaged in these debates and activities at the time of the Civil War. The interviews were conducted in Spain and France during the spring of 1979, summer 1981, and winter of 1981-82.
15. Lucía Sanchez Saornil, “La cuestión femenina en nuestros medios, 5,” Solidaridad Obrera, 30 Oct. 1935, 2.
16. “‘Mujeres Libres’: La mujer ante el presente y futuro social,” in Sídero-metalurgía (Revista del sindicato de la Industria Sídero-metalúrgica de Barcelona) 5 (November 1937): 9.
17. Mary Nash, ed., “Mujeres Libres” España, 1936-39, Serie los libertarios (Barcelona: Tusquets editor, 1976), 21.
18. See, among others, Verena Stolcke, “Women’s Labours,” in Of Marriage and the Market, ed. Kate Young, Carol Wolkowitz, and Roslyn McCullagh (London: CSE Books, 1981); Jean Gardiner, “Political Economy of Domestic Labour in Capitalist Society,” in Dependence and Exploitation in Work and Marriage, ed. D.L. Barker and S. Allen (New York: Longman, 1976), 109-20; Sherry Ortner, “Is Female to Male as Nature is to Culture?” (67-88) and Michelle Zimbalist Rosaldo, “Women, Culture, and Society: A Theoretical Overview” (17-42), in Woman, Culture, and Society, ed. Michelle Zimbalist Rosaldo and Louise Lamphere (Stanford: Stanford University Press, 1974). For particular discussion of the impact of woman-only mothering, see Isaac Balbus, Marxism and Domination (Princeton: Princeton University Press, 1981); Nancy Chodorow, The Reproduction of Mothering: Psychoanalysis and the Sociology of Gender (Berkeley: University of California Press, 1978); Dorothy Dinnerstein, The Mermaid and the Minotaur: Sexual Arrangements and Human Malaise (New York: Harper & Row, 1976); and Adrienne Rich, Of Woman Born: Motherhood as Experience and Institution (New York: W.W. Nor-ton, 1976).
19. Amparo Poch y Gascón, “La autoridad en el amor y en la sociedad,” Solidaridad Obrera, 27 Sept. 1935, 1; see also her La vida sexual de la mujer, Cuadernos de cultura: Fisiologia e higiene, no. 4 (Valencia: 1932): 32.
20. Lucía Sanchez Saornil, “La cuestión femenina en nuestros medios, 4,” Solidaridad Obrera, 15 Oct. 1935, 2; for a contemporary parallel, see Rich.
21. For an example of an appeal, see Nash, “Mujeres Libres,” 186-87.
22. Poch y Gascón, La vida sexual, 10-26.
23. See Alcalde, 122-40; and Nash, “Mujeres Libres,” 76-78.
24. Nash, “Mujeres Libres,” 86, 96, 205-6.
25. See Alcalde, 142-43; “Estatutos de la Agrupación Mujeres Antifascistas,” Bernacalep, 26 May 1938 (document from Archivo de Servicios Documentales, Salamanca, Spain, Sección político-social de Madrid, Carpeta 159, Legajo 1520); and Mary Nash, “La mujer en las organisaciones de izquierda en España, 1931-1939” (Ph.D. diss., Universidad de Barcelona, 1977); chap. 9. Parallels with the experience of women in the United States, and elsewhere in Western Europe, during both the First and Second World Wars are, of course, evident. Similar experiences in the contemporary period have convinced many women of the necessity of separate organisations committed to women’s emancipation, which will not subordinate the needs of women to those of the men with whom they are, presumably engaged in joint struggle. See, for example, Margaret Cerrullo, “Autonomy and the Limits of Organisation: A Socialist-Feminist Response to Harry Boyte,” Socialist Review 9 (January-February 1979): 91-101; Sara Evans, Personal Politics: The Roots of Women’s Liberation in the Civil Rights Movement and the New Left (New York: Alfred A. Knopf, 1979); and Ellen Kay Trimberger, “Women in the Old and New Left: The Evolution of a Politics of Personal Life,” Feminist Studies 5 (Fall 1979): 432-50.
26. Cited in Alcalde, 154.
27. In this respect, Mujeres Libres’ position seems exactly to parallel the position of the anarchist movement with respect to the social revolution and the war more generally: the anarchists differed from the Communist party, for example, in insisting that social revolutionary gains need not await the end of the Civil War.
28. “Capacitation” is not, obviously, a normal English word. It does capture the sense of developing potential which is connoted by the Spanish capacitación. “Empowerment” is another possible translation.
29. Ilse, “La doble lucha de la mujer,” Mujeres Libres, 8 mes de la Revolución, cited in Nash, “The Debate over Feminism in the Spanish Anarchist Movement,” MS, Universidad de Barcelona, 1980.
30. Breines, 496-97, 504.
31. See, for example, Evans, on which Breines draws; also William Chafe, Women and Equality (New York: Oxford University Press, 1977); and Frances Fox Piven and Richard A. Cloward, Poor People’s Movements (New York: Vintage Books, 1979).
32. Estelle Freedman, “Separatism as Strategy: Female Institution Building and American Feminism, 1870-1930,” Feminist Studies 5 (Fall 1979): 514-15, 524-26.
33. For details on the early development of Mujeres Libres see Nash, “Mujeres Libres,” 12-16; Temma Kaplan, “Spanish Anarchism and Women’s Liberation,” Journal of Contemporary History 6 (1971): 101-10; and Kaplan, “Other Scenarios: Women and Spanish Anarchism,” in Becoming Visible: Women in European History, ed. Claudia R. Koonz and Renate Bridenthal (New York: Houghton Mifflin, 1977), 400-422.
34. Soledad Estorach, interview, Paris, 6 Jan. 1982. The word compañerita is the diminutive form of compañera, meaning “comrade,” or “companion.” In this context, it indicates an attitude of condescension on the part of the male.
35. Cited in Nash, “Mujeres Libres,” 101.
36. Azucena (Fernandez Saavedra) Barba, interview, Perpignan, France, 27 Dec. 1981.
37. Mercedes Comaposada, interview, Paris, 5 Jan. 1982.
38. Kathryn Pyne (Parsons) Addelson has found similar patterns, for example, in her study of a Chicago “marxist-leninist” organisation, Rising Up Angry. See also Evans; Trimberger; and Jane Alpert, Growing Up Underground (New York: Morrow, 1981).
39. The “libertarian movement” was another, more general, name for the anarcho-syndicalist movement. The term came into common usage only in 1937 and 38. The larger movement included within its ranks the CNT (the anarcho-syndicalist labour confederation), the FAI (the Iberian Anarchist Federation), and the FIJL (the youth organisation).
40. Nash, “Mujeres Libres,” 19.
41. On the issue of diversity within the contemporary women’s movement, see especially Audre Lorde, “Age, Race, Class, and Sex: Women Redefining Difference,” and “The Uses of Anger: Women Responding to Racism,” in Sister Outsider (Trumansburg, N.Y.: Crossing Press, 1984).
42. See Nash, Mujer y movimiento obrero en España, 1931-1939 (Barcelona: Editorial Fontamara, 1981), especially 99-106; and interviews with members of Mujeres Libres.
43. It should be noted that the Spanish anarchist movement had never been free of what might be termed “organisational fetishism.” The movement had often been split by controversy in earlier periods, and continues to be so today. A concern for “organisational loyalty,” then, was not unique to the opposition to Mujeres Libres. I wish to thank Paul Mattick, Molly Nolan, and other participants in the Study Group on Women in Advanced Industrial Societies of the Centre for European Studies, Harvard University, with whom I discussed these issues at a seminar on 9 May 1980.
44. Comaposada interview.
45. I am grateful to Donna Divine for clarifying this point for me.
46. Compare the debate over black power in the United States, especially Stokely Carmichael and Charles V. Hamilton, Black Power (New York: Random House, 1967); and Bayard Rustin, “Black Power and Coalition Politics,” Commentary 42 (September 1966): 35-40.
Comments
Great job with the
Great job with the translation! Thanks for posting
thank you
thank you :)